أسير بنظرات تملأها الحيرة و السؤال.
لماذا أنا مختلف عن الأصدقاء و الزملاء؟
هل أنا حقا شاذ جنسيا؟
لااااااااااااا
كنت دائما أنكر هذه الحقيقة "الحقيقة المرة" بالرغم من إنجذابى العاطفى و الجنسى الشديد للذكور و أحلامى الجنسية المثلية المتصالح أنا معاهما فى ذلك الوقت.
و لكن ما كان يضايقنى إلى حد الجنون شعورى بالأختلاف أثناء حديثى مع الأصدقاء فى الأحاسيس و المشاعر الجنسية فأنا كنت أتظاهر بما يشعرون به من ميول جنسية غيرية و ما أبطنه النقيض تماما.
"أنا أعانى من الشذوذ الجنسى و أحتاج مساعدة....مساعدة!!! كيف؟"
النظرة الأحادية الجانب من رجال الدين تملأ عقلى التى لم أسمع غيرها منذ لحظة ميلاد مشاعرى الجنسية المثلية.
" لااااااااااااا أنا مثل الأصدقاء و الزملاء أنجذب إلى الفتيات عاطفيا و جنسيا"
كنت أحمل دائما المشاعر المتناقضة بداخلى و كأنها حمم بركان تأكل بعضها البعض.
لقد وصلت.
عيناى تجوب المكان بهدوء معلنة مقتها و كراهيتها الشديدة له.
مبنى عتيق على مساحة شاسعة من الأرض يحيطه فناء واسع من جوانبه الثلاث.
"مدرستى جميلة و نظيفة"
إبتسامة ساخرة ترسم على وجهى فى كل مرة تقع عيناى على هذه الجملة المكتوبة فى إحدى حوائط مدرستى الثانوية.
لم أكن أعلم أن هذا اليوم سيكون مختلفا فلن يمحى من ذاكرتى أبدا و سأكتب عنه يوما ما.
فى وسط اليوم الدراسى أمرنا أن نذهب نحن الطلبة إلى مسرح المدرسة حيث ستنعقد ندوة يلقيها علينا زوار.
إمتلأ المسرح بنا...نجلس فى فضول شديد-فليس من عادة المسئولين بالمدرسة أن ينظموا ندوات بها- منتظرين أن تعقد الندوة.
بدأ الأخصائى الأجتماعى بالترحيب بالزوار (المحاضرين) ثم قدمهم لنا
"الأستاذ............. الدكتورة............الأستاذ.............و حاصل على ماجستير فى.........."
واحد من الزوار (المحاضرين) هو الذى أقام الندوة كلها فتحدث إلينا بعد ما ألقى علينا التحية كانت هيئته توحى بذكائه و كلماته توحى بعلمه الواسع فجلسنا و كأن على رؤوسنا الطير ننصت إليه.
إنتهى المحاضر من الموضوع الأساسى للندوة فطلب الأخصائى الأجتماعى إن كان لدينا أى أسئلة نكتبها فى ورقة و هو سيمر ليأخذها مننا.لقد شعرت بالخوف من كتابة سؤالى عن معاناتى من الميول الجنسية المثلية لعل أحد قد يرى ما أكتب فينكشف أمرى فأكتفيت بمشاهدة زملائى و هم يكتبون أسألتهم.جمع الأخصائى الأجتماعى أوراق الزملاء التى تحوى أسألتهم و بدأ يقرأ و يسرد على المحاضرين و علينا الورق ورقة تلو الأخرى.
المفاجأة!!!
أسمع بضعة أسئلة متعلقة بالجنسية المثلية و مدى المعاناة منها بين مئات الأسئلة المتعلقة بالجنسية الغيرية.
أحدث نفسى.
"مجموعة أسئلة عن الشذوذ الجنسى هذا يعنى أنى لا أعانى وحدى من هذه الميول الجنسية الشاذة"
لقد سررت حيث سأجد إجابة على تسأولاتى أخيرا فما علي هو الأنتظار قليلا .
تزداد ضربات قلبى و تتسابق أنفاسى دخولا و خروجا من صدرى.
كأنى أنتظر أبا عزيزا طالت غيبته.
تحدث المحاضر عن الميول الجنسية الغيرية و كيفية نشوءها و المراحل التى تمر بها ليشبع أسئلة الزملاء ذات الميول الجنسية الغيرية و يزداد يقينى بمعاناتى أكثر و أكثر.
إنتهى المحاضر من الحديث عن الميول الجنسية الغيرية ليشير بإنتهاء الندوة.
يقوم الأخصائى الأجتماعى بختام الندوة بتقديم الشكر للزوار (المحاضرين)
"نشكر الأستاذ............. الدكتورة............الأستاذ.............وحاصل على ماجستير فى.........."
كل جزء فى أعماقى يصرخ باكيا مستنجدا
"لا تقتلوا الأمل- الذى كان وليد لحظة- بداخلى"
لااااااااااا
إنفضت الندوة بعد أن ضربوا أسألتنا-عن المعاناة من الميول الجنسية المثلية- بعرض الحائط.
فتركوا عقولنا ظمأة متعطشة فلا نملك غير الأسى لنلقى مصيرنا المجهول.
فكيف ترون هذا الموقف فى ميزان العدل؟